Project

سليم لحام : مجتمعنا العربي بحاجة الى توعية بخصوص السكن في بنايات متعددة الشقق

سليم لحام : مجتمعنا العربي بحاجة الى توعية بخصوص السكن في بنايات متعددة الشقق

نفذ شركة" سليم لحّام للإستثمار والبناء" في هذه الأيام، ثلاثة مشاريع في الناصرة تشمل أكثر من 150 وحدة سكنية مكونة من 3 و 4 و5 غرف بضمنها شقق للأزواج الشابة وشقق أخرى عبارة عن ڤيلات وكوتيجات وبنتهاوس. وفي ظل أزمة السكن الخانقة في البلاد بشكل عام والنقص الكبير في قسائم البناء في الوسط العربي وانعدام مشاريع الإستثمار في الشقق السكنية في البلدات العربية ما عدا الناصرة، وتزامناً مع اقتراح ومشروع وزير المالية لپيد لخفض أسعار الشقق السكنية للأزواج الشابة بإلغاء ضريبة القيمة المضافة، أجرينا هذا اللقاء مع سليم لحام، المدير العام لشركة "سليم لحام للإستثمار والبناء".


الصنارة: متى بدأتم العمل بالإستثمار بالبناء والإسكان؟

سليم لحام: شركة سليم لحام للإستثمار والبناء أقمناها عام 2004 وعملياً المرحوم والدي ، جورج لحّام ، كان أوّل مقاول عربي في البلاد، حيث بدأ في أربعينيات القرن الماضي العمل في مقاولة البناء بعد أن كان يعمل نجاراً في العشرينيات والثلاثينيات، أنا أشكّل الجيل الثاني وأولادي يشكّلون الجيل الثالث العامل في مجال المقاولات. والحمد لله النجاح حليفنا في الأجيال الثلاثة، علماً أن المتابع للشركات الكبرى في مجال البناء يلاحظ أنّ الجيل الثاني واجه المشاكل والجيل الثالث كان من شبه المستحيل أن يواصل طريقه بنجاح.


الصنارة: كيف كانت بدايات والدك المرحوم جورج لحام؟

لحام: في خمسينيات القرن الماضي بدأ يعمل مع دائرة الأشغال العامّة)ماعتس (، وفي العام 1956 أقام كنيسة المطران في الناصرة، وفي سنوات الستين أقام بناية جمعية الشبان المسيحية Y.M.C.A وقسم الأطفال في المستشفى الإنجليزي، ونصف العمارات في منطقة سانت جبريئيل، ومدرسة المخلّص في الستينات والسبعينيات أيضاً. كان له تاريخ كبير في حركة البناء في الناصرة.


الصنارة: هل اقتصر عمله على الناصرة فقط؟

لحام: عمل فقط في الناصرة فلم يتقن اللغة العبرية ولم يعمل إلاّ في الناصرة، الى أن بدأنا أنا وأخي غسان بعد أن أنهينا الثانوية نعمل معه وانطلقنا الى سوق العمل في الوسط اليهودي في السبعينيات، وفي تلك الفترة كان لنا شريك يهودي من العفولة بهدف مساعدتنا في اللغة وفي الإتصالات مع المؤسسات الرسمية، آنذاك انضم الينا بديع طنوس وبدأنا نعمل في مچدال هعيمق، حيث كانت تزدهر أعمال البناء كثيراً مع كل موجة كبيرة لتدفّق القادمين الجدد، وقد حصل ذلك عام 1974 وفي أول الثمانينيات ولاحقاً في بداية التسعينيات. وعملياً ازدهرت في تلك الفترة عدة شركات بناء، فمع كل عملية تدفّق وزيادة العمل في البناء كانت تعطى للشركات الصغيرة تسهيلات. وفي بداية السبعينيات حضر موظف من وزارة الإسكان وأخذ معظم المقاولين في الناصرة وبضمنهم نحن وأخذنا الى القدس لتسجيلنا في سجل المقاولات كي نستطيع تلقي العمل من الدولة، ومن هناك انطلقت معظم الشركات للعمل في الوسط اليهودي.


الصنارة: وكيف انخرطت أنت في العمل؟

لحام: بدأت العمل في الشركة في السبعينيات وبدأت أتعلم الهندسة المدنية في التخنيون حيث تخرجت في العام 1981، عملنا في الكيبوتسات المجاورة وأقمنا في تلك الفترة الملاجئ وإضافات على بيوت ومبانٍ قائمة، وقد بقينا في هذا العمل لغاية عام 1986، حيث أقمت ما سُمّي في حينه "شركة إسكان".


الصنارة: بماذا تختلف "شركة الإسكان" عن شركة مقاولة أو شركة بناء؟

لحام: شركة الإسكان، بخلاف الشركات الأخرى، لا تأخذ المقاولات من مستثمرين أو من الدولة، وإنما تقوم بشراء الأرض، سواء كانت أرضاً خاصة أو أراضي دولة، وعلى الغالب معظم الوحدات التي أقمنا البنايات عليها كانت أراضي دولة، ونفس الشركة تقوم بالتخطيط، تبني البنايات وتبيع الشقق وتقوم بجميع الإجراءات من حيث التسجيل بالطابو، وكل المعاملات الأخرى ذات الصلة بالشقق وبضمن ذلك إذا كانت هناك إجراءات قضائية ومحاكم.


الصنارة: كيف تحصل شركة مثل شركتكم على أراضٍ من الدولة للإستثمار فيها؟

لحام: هناك طريقتان: إما بالتوقيع على إتفاقية تطوير مع الحكومة تشمل شروطاً معينة بخصوص أعمال التطوير والمدة الزمنية للبناء فيها. وعندما تمنح الدولة من خلال دائرة أراضي إسرائيل شركة إسكان معينة أراضي للإستثمار فيها فإنها لا تمنحها إياها كي تمتلكها بل لإقامة مشاريع إسكان وبيع الشقق فيها أو تأجيرها. وفي عام 1986 بدأنا بمشروع إسكان في حي الأمل في الناصرة.


الصنارة: قلت إنك انضممت الى الوالد في العمل، سوية مع أخيك. متى بدأت تدير الشركة بشكل فعلي، والى أي إنجازات توصّلت؟

لحام: بدأت أدير الشركة بشكل فعلي في العام 1974، أي أنني في هذا المجال منذ 40 سنة، وخلال هذه الفترة حققت كل حلم يمكن لمقاول أن يحلم به. وفي العام 2004 قرّرت أن أفتح شركة جديدة لي، هي شركة سليم لحام الموجودة اليوم، مع الإبقاء على شركة جورج لحّام القائمة والتي ما زالت جسماً حياً يرزق، ولكنها لا تعمل في مجال تنفيذ المشاريع بل تستثمر في أملاكنا القائمة، والتي تدر دخلاً لا بأس به، أملك 50٪ منها وأؤكد لأولادي دائماً أنّ هذه الشركة هي شركة الضمان التي تضمن معيشتهم ومعيشة أولادهم، وأوصيهم بالمحافظة عليها، وذلك لأن فرع شركات البناء خطير وفي السنوات العشر الأخيرة انهارت 4-5 شركات كانت رائدة في مشاريع الإسكان وبدأت العمل في مجال الإسكان قبلنا، ولكنها تعرّضت الى أزمات مالية خانقة. واليوم هناك غياب لكثير من هذه الشركات، ولكن في هذا المجال لا يوجد فراغ فقد بدأت شركات أخرى تعمل في المجال، سواء التي تبني على أراض خاصة أو أراضي دولة، وهناك عدة شركات عربية تعمل في الوسط اليهودي وأيضاً في الناصرة، خاصة في حي الجليل، بالإضافة الى مبانٍ عامة.


الصنارة: اليوم هناك ضائقة سكنية خانقة في البلاد خاصة في الوسط العربي. ما الذي تفعلونه كشركة إسكان في هذا المجال؟

لحام: هذا السؤال مهم جداً وسهل ولكن الإجابة عليه صعبة جداً. فنحن المقاولون نبني من أجل جني الأرباح ولسنا نحن الجهة العامة التي يجب أن تُسأل لماذا لا توجد شقق سكنية في الوسط العربي.


الصنارة: ولكن هناك دور لكم كمبادرين؟

لحام: نحن نبادر طيلة الوقت. فجميع المبادرات للمشاريع التي نفذت والتي تنفّذ الآن جاءت بمبادرة من شركات الإسكان. واليوم نحن ندرس هذا الموضوع ومن الأهمية بمكان ألاّ نتخطّى الدراسة التي نجريها لأن أي غلطة في هذا المجال تشكل خطرا علينا وتهدد شركتنا.

الصنارة: ما هي المشاريع التي تعمل عليها في هذه الأيام وأين؟

لحام: مشروع حي النخيل في الناصرة قرب فندق چولدن كراون، والذي يشمل بناء 62 وحدة سكنية، بدأنا قبل سنة ونصف وقد أنجزنا منه لغاية الآن حوالي 75٪. إنه مشروع من 62 مليون شيكل، وقد تمّ بيع حوالي 60٪ من الشقق لغاية الآن.

المشروع الثاني الذي نسميه Twins ) - توأمين(، عبارة عن بنايتين في حي الجليل، الأولى من 16 وحدة سكنية والثانية من 17 وحدة. هذا المشروع تكلفته أكثر من 30 مليون شيكل ولغاية الآن تمّ بناء الهيكل. ومشروع آخر في حي الجليل، هو مبنى من عشر طبقات وهذه هي أوّل مرّة تقام فيها في الناصرة بناية سكنية بهذا العلو والآن نجري تعديلا على الخارطة لإضافة أربعة طوابق أخرى، وهذه البناية فيها 38 وحدة سكنية من المتوقع البدء بتنفيذها قريباً.


الصنارة: من الذي يشتري هذه الشقق السكنية؟

لحام: هناك إشكالية معينة بالنسبة لأزمة السكن. فالمشاريع تبنى لأناس ولكن من يشتريها أناس آخرون قادرون على شرائها من الناحية المادية، وليس المحتاجون.


الصنارة: لماذا لا يستفيد من مشاريع الإسكان الذين هم بالفعل بحاجة الى مساكن؟

لحام: ما يحدث هو أن البنوك تعطي قروض إسكان وتشترط ألاّ تفوق قيمة قسط الإرجاع الشهري رُبع الراتب الشهري للمقترض واليوم لا يوجد قسط شهري أقل من 3000-3500 شيكل، لذلك فإن أصحاب الدخل المحدود في العائلات التي لا يعمل فيها إلا الرجل وبدخل منخفض لا يستطيعون إعادة أقساط القرض الشهرية وهكذا فإن العائلات التي يقل دخلها الصافي عن 10 آلاف شيكل لا تستفيد من مشاريع وقروض الإسكان. وإذا نظرنا الى وضع المواطنين العرب نجد أن الأزمة تزداد حدّة بينهم.


الصنارة: ما السبيل الى التعامل مع هذه الأزمة في مجتمعنا العربي؟

لحام: على ما يبدو يوجد لدينا حل بديل وهو البناء الخاص. ولولا البناء الخاص الموجود في البلدات العربية لكانت الناس تسلقت الأشجار احتجاجا ولم تنزل فقط الى الشوارع.


الصنارة: كيف يساهم البناء الخاص في حل الأزمة أو تخفيفها؟

لحام: السلطات المحلية رحومة نوعاً ما بكل ما يتعلق بالبناء الخاص. فلغاية اليوم لا تطلب السلطات العربية رسوم تطوير شوارع في الطريق للترخيص، كذلك فإن قسماً كبيراً من الناس لديهم أراضٍ خاصة للبناء، وكثيرون لديهم إمكانية البناء فوق بيوت أهاليهم وأقاربهم أو أن جميع الأخوة يشترون قسيمة بناء مشتركة.


الصنارة: هل هذا هو الحل المثالي أم أنه حل مؤقت؟

لحام: هذا هو الحل الآني ولكنه يتم للأسف، في معظم الحالات، بدون الأخذ بالإعتبار أيٍّ من مواصفات الأمان أو المواصفات والمتطلبات المطلوبة أو حتى البناء بموجب المخططات. وكثير من حالات البناء غير المرخّص هي بسبب التشديدات على مواصفات الترخيص. كذلك فإن تكاليف البناء الخاص أقل بكثير لأن من يبني بيتا يتوقف عن إكماله حين تنفد النقود منه ويسكنه حتى قبل أن ينتهي منه بالكامل، بخلاف شركات الإسكان التي لا تسلم البيوت إلاّ بعد أن اكتمل تجهيزها بصورة نهائية، أضف الى ذلك ان المقاول يريد أن يربح أيضاً وهذا يرفع من سعر الشقة، وهكذا ينشأ وضع يجعل معظم المواطنين العرب يفضلون البناء الخاص الذي قد لا يكلفه 50٪ من تكاليف الشقة إذا اشتراها جاهزة.


الصنارة: وما السبيل إذن لإقناع المواطن العربي بأن شراء شقة جاهزة أفضل له من البناء الخاص؟

لحام: أحد الأمور التي تنقص مجتمعنا العربي هو مسألة التوعية بكل ما يتعلق بخصوصية البناء عندما يكون بين أهله أو ضمن بناية كبيرة له ولأخوته. فرغم أن البناء الخاص يكلف أقلّ إلا أنه لا يتم حسب مواصفات الأمان، الأمر الذي قد يسبب حوادث بيتية ووقوع ضحايا خاصة بين الأطفال وقد حدث ذلك كثيراً في الوسط العربي، ولكن الأمر الأهم الآخر هو أن الشقة يجب ألاّ تكون مُلكاً وحكراً لا يمكن نقله الى آخر. فرغم أن التكاليف أقل إلاّ أن القيمة الإقتصادية للبيت تساوي صفراً، ففي حال أراد أحدهم بيع بيته يكون مُلزماً لبيعه إما لأخيه أو لأخيه الآخر، وفي حال عدم قدرته على شرائه لا يمكنه بيعه لآخرين، وفي حال باعه لأخيه فإنه لا يبيعه بقيمته الحقيقية إنما بأرخص بكثير. وهكذا لا يمكن الإستفادة في معظم الحالات لا من تأجير البيت أو بيعه لشخص غريب. ونعرف الكثيرين الذين تركوا بيوتهم وانتقلوا الى أماكن أخرى ولكن بيوتهم بقيت مغلقة لا هم قادرون على بيعها ولا على تأجيرها لأنها متداخلة ببيوت باقي أفراد العائلة. ودائماً نقول إن على أي شخص أن يعتبر شقة السكن كأي ملك، مثل سيارة أو قطعة أرض يمكن بيعها أو تأجيرها في أي وقت وبالقيمة الحقيقية. ومشاريع الإسكان اليوم عملياً هي وسيلة وطريقة ليعرف الشخص أنّ لديه رأسمال.


الصنارة: مشاريع الإسكان التي تتحدث عنها موجودة فقط في الناصرة، ولكن المجتمع العربي ليس الناصرة فقط، لماذا لا تنفّذ في باقي البلدات العربية؟

لحام: هذا السؤال مهم ووجيه ، فيكفي الفشل في مشروع واحد ليضرّ مرتين، يضر المستثمر الذي حاول أن يتحوّل من مقاول الى مستثمر فلا يستمر في أي مشروع مستقبلي والأهم من ذلك أنه يجلب الضرر الى البلدة التي حاول تنفيذ مشروع إسكاني فيها.


الصنارة: هل من أمثلة؟

لحام: مقاول معروف من الناصرة حاول الإستثمار والبناء في الطيبة في سنوات الثمانينيات فنفّذ مشروع بناء 30 وحدة سكنية وقد واجه صعوبة كبيرة في تسويق هذه الشقق وبالتالي، على ما أذكر، بنك القدس الذي رافق المشروع استلمها منه وباعها بأقل من تكاليفها. وعملياً هذه التجربة جاءت نتائجها سلبية على المدينة وعلى المستثمرين الذين لم يجرؤ أحد منهم على إعادة هذه التجربة، وعلى الشركة نفسها التي لم تجرؤ أيضاً أن تجرب مشروع إسكان آخر في بلدة عربية أخرى.


الصنارة: هل السلطات المحلية عامل مساعد لدفع وتشجيع مشاريع إسكان من هذا النوع؟

لحام: أنا شخصياً رفعت يدي من جميع الأجسام وبالذات من السلطات المحلية ،والعنوان الوحيد الذي بقي معنياً لدفع الأمور الى الأمام هو وزارة الإسكان.

الصنارة :ربما أربح وأسهل للمقاول أو المستثمر أن يأخذ مباشرة من الوزارة !

لحام: الأمر ليس كذلك، فهناك حاجة الى تثقيف الأجيال الجديدة وهذا هو المطلوب من السلطات المحلية. فقد شاركت في جميع الجلسات التي عقدت في مدينة سخنين لهذا الغرض، وذلك كرئيس سابق لإتحاد المقاولين، وفي هذه الجلسات كان يشارك حوالي 25 شخصاً يمثلون كل القطاع الخاص والشركات العامة في مجال الإستثمار في بناء الوحدات السكنية. ومن خلال لجنة الإقتصاد في الكنيست اقترحت قبل سنتين أن يعطوا للمواطنين العرب هبات بمبالغ كبيرة لتشجيعهم على السكن بمبانٍ متعددة الشقق وقد تشكلت ضغوطات كبيرة على الوزارة وعلى الحكومة ونتيجة طلبي هذا خرج وزير الإسكان في حينه أرئيل اتياس باقتراح لمنح هبة بقيمة مئة ألف شيكل لكل من معه شهادة استحقاق ولاحقاً اتضح أنّ المنحة هي 60 ألف شيكل و10-12 ألف شيكل مقابل التطوير للشركات لتشجيعهم وقد حظي بهذه المنحة 5 أشخاص ممن اشتروا شققا من شركتنا. ولكن تمّ إلغاء ذلك واليوم أستغرب وجود الملياردات مع الحكومة التي تريد إعفاء من يشتري الشقة الأولى من ضريبة القيمة المضافة. الموضوع حسّاس جداً وفي نفس الوقت مهمل جداً. وعملياً إذا نظرنا الى أغنياء الناصرة نجد أنهم اشتروا بيوتاً وڤيلات في نتسيرت عيليت.


الصنارة: هل تنفّذ مشاريع إسكانية خارج الناصرة أيضاً؟

لحام: نحن نشارك بعطاءات لشراء أراضٍ في كل مكان نراه مناسباً لنا ولمشاريعنا. وشركة جورج لحام أقامت، خلال الفترة بين 1990 و 2010، أكثر من ألف وحدة سكن في مدينة كرمئيل بالإضافة الى مركز تجاري. كذلك ومع موجة القادمين الجدد في التسعينيات أقمنا 104 وحدات في نتسيرت عيليت ولاحقاً 42 وحدة أخرى. وبالذات في نتسيرت عيليت واجهت إشكالية أنني أقيم مشروعاً في مدينة يهودية ومعظم الذين اشتروا الشقق عرب. وفي حينه بدأت البلدية ترى كأنني معادٍ وبدأت تضيق وتصعب شروط الترخيص.


الصنارة: كيف يمكن المحافظة على سمعة واسم شركة ناجحة ورائدة مع الإنتقال من جيل الى جيل؟

لحام: أول شيء هو إعطاء الأدوات والثقة لمن يواصل الطريق، أي الأبناء وتحميلهم بالإضافة الى المسؤولية المتعلقة بالعمل وإدارة العمل رسالة وأمانة يجب صيانتها لا أن تنتهي لمجرد إنتقال مؤسسها الى العالم الآخر. واليوم لدى أولادنا هناك أدوات عديدة تساهم في إمكانية نجاحهم حيث انكشفوا على عالم التكنولوجيا العصرية والهاي تيك أكثر منا. وأنا شخصياً رصدت الكفاءات لدى أولادي حيث يعمل معي إبني وابنتي وكلاهما مهندسان معماريان وإبن ثالث تعلم إدارة الأعمال. واليوم أعطي أولادي من تجربتي الممتدة على مدار 40 سنة ولا أضع نفسي في موضع المنافسة معهم. وسرّ النجاح هو إعطاء الثقة وتحويل الصلاحيات للجيل القادم.


الصنارة: ما ثمن الشقق السكنية في مشاريع الإسكان التي تنفذها في الناصرة؟

لحام: عدد الشقق المشمولة في المشاريع الإسكانية في الناصرة حوالي 160 وحدة، بيع منها لغاية الآن 45 وحدة. والأسعار تتراوح بين 750 ألف شيكل لشقة من 3 غرف بمساحة 105 أمتار، و950 ألف شيكل لأربع غرف. ومساحات الدور في حي النخيل تتراوح بين 156 متراً مربعاً و162 متراً مربعاً. وأسعار الشقق في العمارة العالية مليون شيكل، وسعر الكوتيجات في حي الجليل الذي سنبدأ العمل فيها الشهر القادم تتراوح بين 1,8 و2,2 مليون شيكل.


الصنارة: هل هناك برامج حكومية خاصة يمكن للوسط العربي أن يستفيد منها؟

لحام: للأسف الشديد الحكومة تستجيب للحركات الإحتجاجية على غلاء الشقق في الشارع اليهودي ، ولكن نحن في الوسط العربي لا نجيد قراءة الصحف حتى. فالعامل الذي يقرّر في سعر الشقق هو سعر الأرض، وبما أن الأراضي الخاصة في مركز البلاد غالية جداً فإن الحكومة قررت أن تبيع أراضيها بأعلى سعر، فتطرح الأراضي بالمزاد العلني. وهذا ليس حلاً لدولة تريد حل أزمة السكن. إذ بإمكانها تحديد سعر الأرض وإعطاء المقاولين أسعاراً بقيمة 50٪ من تقدير المخمّن والمواصفات المطلوبة وهكذا يمكن ترخيص أسعار الشقق التي تعتبر غالية.


الصنارة: ما علاقة الوسط العربي بهذه الأمور؟

لحام: أردت أن أقول إن وضع الناصرة أو الوسط العربي ليس سيئاً من حيث أسعار الشقق، فوزارة الإسكان عندما عرضت مشروع الإسكان في حي الجليل شارك في العرض عدة شركات، ولأن العرض كبير والطلب قليل نجحنا بأخذ الأرض بسعر قليل، فهناك مقاولون أخذوا الأرض بـ 30 ألف شيكل إضافة الى 5 آلاف شيكل تطوير. أي سعر الأرض والتطوير عن كل وحدة سكنية كلّفت المقاولين 35 ألف شيكل.


الصنارة: نرى أنكم تقيمون بيوتاً بمساحات أكبر مما كانت تعرض في البنايات متعدّدة الشقق في الماضي؟

لحام: لقد واجهنا إشكالية معينة بهذا الموضوع، حيث بدأ الناس يطلبون شققاً أوسع فاضطررنا أن نسير مع هذا الطلب. ولكن عندها تركنا الناس خلفنا، أي أننا بدأنا نبني للعُشر التاسع والعاشر من حيث المستوى الإقتصادي أي أنّ حوالي 80٪ من الناس غير قادرين على شراء هذه الشقق والإستفادة من مشاريع الإسكان هذه. هذا هو الوضع القائم في الوسط العربي. وعملياً الدور ذات السعر المرتفع مطلوبة أكثر من السعر المنخفض لأننا نستقطب أشخاصاً أثرياء لشرائها.وليس الأشخاص والعائلات المحتاجة للسكن. فالإشكالية الموجودة لدينا بسبب الدخل المتدني لمعظم الناس يُساهم في توسيع الهوّة بين المقتدرين وغير المقتدرين.


الصنارة: ما السبيل حسب رأيك لحل أزمة السكن وتمكين معظم الناس من شراء الشقق؟

لحام: سبق واقترحت عليهم رفع المعاشات. وهذا هو الحل الأمثل. وفي مجتمعنا العربي يبقى الوضع صعباً لأن معظم النساء فيه لا يشتغلن ونسبة البطالة كبيرة. وعملياً عندما نقيم مشاريع إسكان فإننا نساهم في إيجاد فرص عمل.


الصنارة: هل تُشغّل عمالاً عرباً أم عمالاً أجانب؟

لحام: في إتحاد المقاولين كنت الوحيد الذي عارض تشغيل عمال أجانب وذلك من منطلق أن في منطقة الشمال والمثلث هناك الكثير من عمال البناء العرب المهنيين. وأحياناً أشغل فلسطينيين مع تراخيص عمل طبعاً، وإذا اضطررنا لأخذ عمال أجانب لن يكون هناك مفر. وفي حينه اقترحت برنامج عمل على إتحاد المقاولين خلاصته تسهيل شروط العمل على عامل البناء العربي خاصة في سن فوق الخمسين، من خلال تقريب مكان العمل الى بيته بمشاريع الإسكان. فاقتراحي كان للمقاولين وللعمال أنه من الأفضل لهم أن يعملوا في مشاريع إسكان قريبة حتى لو بأجر أقل قليلاً.


الصنارة: كم عدد العاملين في مشاريعك؟

لحام: عدد العمال يعلو ويهبط حسب المشاريع وحركة العمل ومراحله. اليوم لدينا حوالي 300 عامل وفي مراحل معينة كان يصل الى حوالي 700 عامل.

الصنارة: ما هي رؤيتك المستقبلية كرئيس سابق لإتحاد المقاولين وعضو آني في مستثمري إتحاد المقاولين القطري.

لحام: لقد عملت مدة طويلة على ما نسميه جودة البناء والأمور الأساسية في البناء وبعد 40 عاماً في المجال ومن يزور مواقع البناء في مشاريعنا يرى أن عملنا نظيف وذو جودة، واليوم أعمل على أن تقدّم شركتنا الخدمات للسكان الذين يشترون الشقق. وعملياً من خلال موقعي في إتحاد المقاولين أشعر أنني أمثل الوسط العربي في هذا المجال.


الصنارة: ذكرت أنّ السلطات المحلية غائبة تقريباً بكل ما يتعلق بمشاريع الإسكان. ألم يكن لبلدية الناصرة دور في دفع هذه المشاريع التي هي موجودة فقط في الناصرة كما ذكرت؟

لحام: كل إدارة بلدية لها رؤية معينة ومختلفة عن إدارات أخرى. وحين يكون انغلاق لدى الإدارة فإنها لن تكون موضوعية بخصوص أمور كثيرة. وقد قيل الكثير وألقيت المحاضرات الكثيرة حول ضرورة وأهمية تقبّل الآخر. وعلى سبيل المثال، وأقولها بكل مسؤولية إن قسم الهندسة في البلدية كان عاملاً سلبياً جداً في مشروع الإسكان في حي الجليل. واليوم نحاول تصليح الأخطاء التي ارتكبت والتي كان يجب ألاّ تحدث بالذات في بلدية الناصرة.


الصنارة: هل رأيك هذا سببه عطاء لم تفز به ربما؟

لحام: البلدية تطرح العطاءات سوية مع وزارة الإسكان، وللبلدية ليس هناك دور كبير في هذه المسألة. وكسليم لحام، كيف تفسّر أنني لم أخطط سوى 8 شقق صغيرة من ثلاث غرف من بين 700 وحدة سكن، علماً أنني كنت أشارك في جلسات مع رئيس بلدية كرمئيل الذي كان يشترط في مشاريع الإسكان التي أقمناها هناك أن تكون نسبة 20٪ من الشقق في المشروع من ثلاث غرف. وما أقوله أن للشركات هناك صلاحيات وقدرات على التخطيط، حتى لو لم يكن هذا الأمر مسجّلاً في المخططات.


الصنارة: هل كان الطلب في بلدية الناصرة شققاً كبيرة المساحة؟

لحام: يا ريت طلبوا هذا الأمر أو ذاك. لم يتكلموا بالموضوع أبداً.


الصنارة: إذن كيف تقسّم الشقق في كل مشروع؟

لحام: كل شركة تقسم شغلها حسب العرض والطلب في السوق. صحيح أنّ الشقق ذات الغرف الثلاث عليها علامات سؤال في الوسط العربي ولكن هذه النظرة خاطئة، فبإمكان أي شخص شراء شقة من 3 غرف اذا كان وضعه القتصادي يسمح له فقط بذلك ولاحقاً يبيعها ويشتري شقة أكبر، وحول هذا الموضوع كان من المفروض أن يُفتح نقاش وتتم فيه عملية توعية من قبل جميع الجهات ذات الصلة وبضمنها البلدية. كان عليهم أن يتعاملوا معنا كمتخصصين في هذا المجال ولنا خبرة فيه. فهل يعقل ألاّ أستدعي ولو لمرة واحدة للبحث في هذا الموضوع طيلة 40 سنة، رغم الخبرة ورغم أنني مستثمر ورغم أنني كنت رئيساً لنقابة المقاولين. عن هذا الموضوع أتحدث. هل لأني لم أكن محسوباً على الإدارة؟ ربما.


الصنارة: إذن لدينا مشكلة محسوبيات في سلطاتنا المحلية العربية؟

لحام: ليس فقط محسوبيات، لدينا تقوقع وأحزاب وهذا يضر بنا. وهذا ما كان في الناصرة. كان يجب أن يتعاملوا مع الآخر، أقول هذا الكلام للإدارة القديمة على ما كان ، وللإدارة الجديدة كي تأخذ ذلك بالإعتبار. واليوم نواجه إشكالية الوضع الإقتصادي الصعب للناس ومسألة الثقافة والتوعية حول الإسكان فنحاول أن نُدخل الى رؤوس الناس أن من يختار السكن في بناية متعددة الشقق يواجه إشكاليات لم يكن يعرفها من قبل، وهي أنه سيسكن في بناية يسكنها آخرون ويشاركونه في جزء من هذه البناية: غرفة الدرج والمصعد وحسابات ومصاريف مشتركة. وقد توصلنا الى حل حيث يوقع المشتري على معاهدة تعطي البائع(المستثمر)حق إعطاء الخدمات للمشتري لثلاث سنوات مع إمكانية التجديد الى ما شاء الله مع ربح زهيد جداً. فالمستثمر يعرف ما هي متطلبات الساكنين في الشقق، وقد بدأنا فيه في كرمئيل قبل عشر سنوات وواصلنا ذلك في شنللر وقبل أن أبيع الشقق دعوت 15 مشتريا وأطلعتهم على كل هذا البرنامج. والهدف من ذلك هو مخاطبة العقل ورفع الوعي بخصوص أهمية إعطاء الخدمات، وبذلك نضمن لهم الصيانة والخدمات، وقد أثبتنا على مدار 30 سنة أننا بذلك نضمن جودة البناء وتأمين خدمات لجنة البيت. ونحن في شركتنا نعتمد على السمعة وعلى الأحاديث الدائرة بين الناس بخصوص سمعة شركتنا. ولغاية الآن الصورة التي يتناقلها من اشترى شققاً في مشاريعنا إيجابية وممتازة وبذلك نمتاز عن غيرنا.


الصنارة: ومتى سيحين الوقت لتنفيذ مشاريع في بلدات عربية أخرى غير الناصرة؟

لحام: كان هناك طرح في سخنين وشاركت في عدة جلسات لبحث الموضوع كممثل لاتحاد المقاولين، ولكن عندما طُرح العطاء لم أشارك فيه.


الصنارة: لماذا؟

لحام: لسبب بسيط، لأن الموضوع طال وفي هذه الفترة بدأنا نعمل في مشاريع أخرى في الناصرة، ولم يكن بإمكاني الإستثمار أيضاً هناك.


الصنارة: اليس السبب خشيتك من فشل المشروع؟

لحام: كلا. وبالمقابل أخبرت زملائي المستثمرين ان عليهم التأكد من الأمر الذي يقدمون عليه. وقد لاحظت ان من بين المشاركين في العطاء مقاولين ليسوا مستثمرين. فالإستثمار يبدأ بشراء الأرض وتطويرها والبناء وبعدها بيع الشقق وبالطريق على المستثمر ايجاد البنك الذي سيدعمه.


الصنارة: هل يعتبر شراء الشقق وبيعها استثمارا للمشتري أيضاً؟

لحام: بإمكاني التأكيد على أن كل الشقق التي تمّ شراؤها من شركة سليم لحام وبيعت، تمّ بيعها بأسعار أعلى من الأسعار الموجودة في السوق. وقد كان الفرق 5٪، ارتفع الى 10٪ بعد أن بدأنا نعطي الخدمات أيضاً.


الصنارة: هل صادفك وضع قد يجرّك الى تورط كما تورّط آخرون في مشاريع مثل هوليلاند مثلاً؟

لحام: إذا عدت الى الأرشيف بإمكانك معرفة الحرب الذي خضتها مع رئيس بلدية نتسيرت عيليت آرياڤ الذي لم يرق له أنني أبني عنده وأبيع لعرب. لم أرضخ لطلباته وشروطه وقد خضت محاكم معه وكلفني ذلك نصف مليون دولار عندما وضع إيجارات للناس الذين لم يستلموا شققهم بالوقت ولكنني ربحت المحكمة بعد سنتين. فقد بعت 36 شقة من بين 42 شقة لمواطنين عرب واليوم في هذه البناية تسكن 39 عائلة عربية. أنا أعمل حسب القانون لم ولن أخضع لأي محاولات ومن أجل هذا السبب تركت أعمال المقاولات وعلاقتي مع البلديات في مشاريع الإسكان هي علاقة ترخيص فقط .


الصنارة: ما الذي تقدمه شركة سليم لحام للمجتمع العربي؟

لحام: أقولها بكل تواضع إنني منذ أيام الثانوية أقمت أول نادٍ في المدرسة الإكليركية في المطران سوية مع زملاء آخرين أسميناه نادي الطلبة الثانوي، وأول مكتبة في المدرسة اسستها سوية مع المرحوم الأستاذ فوزي عبدالهه. فطيلة الوقت أنا موجود وأتفاعل مع مجتمعي. واليوم أدعم بشكل متواصل جميع الحركات الكشفية على جميع انتماءاتها، وأدعم بشكل خاص المؤسسات وحركات الشبيبة التي أوليها اهتماماً كبيراً. وفي الماضي كنت مسؤولاً عن نادي فريق شباب الناصرة، دعمت بمليون شيكل وتركت، ولاحقاً دعمت فريق الإخاء حيث استلمت قسم الشبيبة وكنت أموّله بمبلغ 200 ألف شيكل كل سنة، وقد أسست فريقاً عربياً - يهودياً سميته("بياحاد"- سوية) خصصت له 40 ألف شيكل كل سنة وجندت له نقابة المقاولين .أدعم جميع فرق الرياضة بما فيها كرة السلة دعماً مادياً ومعنوياً. كذلك فإن زوجتي فعّالة في عدة جمعيات بينها مؤسسة "مشئيلت ليڤ" وفي مؤسسة الليونز وفي جمعية تعنى بشؤون المكفوفين، وفي الفترة الأخيرة نظمت عرض أزياء جُمع فيه حوالي 50 ألف شيكل تمّ التبرع بها لمؤسسة المعاقين في الناصرة. فنحن عائلة نعمل بجد وبنشاط ونقدم للمجتمع ولكن نوازن بين العمل والفعاليات والأسرة.

لتصفح المقالة الأصلية اضغط هنا